غضبة …

IMG_4394

– سينهارون قريبا، عليكم بالصبر ..
هكذا خاطب القائد أتباعه الأشاوس الذين يتحرقون شوقا لهذه الفرصة العظيمة، فرصة إعادة الأمور إلى نصابها وعودة الحق لاستلام زمام النور والعلم بعد أن توارى طويلا في غياهب الجهل والجشع والشر العميم ..
بدأت قصتهم قبل عقود حينما انتشرت حركة (مجد) بين صفوف الشباب في العالم معلنة تمردها على أنظمة الطغيان، كانوا كوردة صيفية نبتت في شتاء قارس، شتاء عم العالم كله بلا استثناء، أنظمة موحدة، عملة موحدة، سيطرة على العقول والموارد، نشر للانهزامية والانتهازية في صفوف سكان الأرض، تجيير تعاليم الأديان لمصلحتها وتمييع الفوارق بينها ..

انهارت حدود الدول بعد قرنين من الصراعات والحروب المتوالية التي أبادت ثلثي البشر واستهلكت العديد من الموارد الطبيعية حتى صار من النادر أن ترى بلدا يزخر بالغابات والأنهار والثروات، لم يتوانَ المنتصرون عن تسييج كل ما فيه خير للبشرية، بل وضموا كل العقول والطاقات ليحكموا قبضتهم على عالمهم الجديد وبنوا مدنهم الحصينة الحديثة المتطورة في الشرق الأوسط بعد انهيار ثلاث من القارات ..
علّمنا التاريخ أنه كلما ازداد الظلام حلكة، اقترب بزوغ النور، وهكذا في سرية شديدة وتنسيق هائل، انتشرت حركة المقاومة العالمية (مجد) كالهشيم، انضم لها العديد ممن أقسموا على الطاعة لله المجيد ولإعادة مجد الدين، دعوا للسلام ليس للانتقام، وللحب عوضا عن الكراهية، ولتجيير الحقوق لأصحابها، ولمقاومة الكيان الهائل المسمى بالنظام العالمي الجديد ..
استهزأ بهم الكثير في بدايتهم، ثم طاردوهم وقاتلوهم بشراسة باستخدام أحدث التقنيات، لم يجد ذلك معهم بل استمرت (مجد) في التصاعد وانضم إليها الكثير ممن اكتفوا من الجور والظلم، حتى أعلن قائدهم البيعة في البيت الحرام، وكانت الانطلاقة التي جعلتهم في غضون أعوام قلائل قوة لا يستهان بها..
انتفض النظام بأكمله لمواجهة تلك القوة الجديدة وكانت ملحمة فاقت كل الملاحم قبلها، أعطت الفرصة لأبطال حركة (مجد) للتقدم في أرض النظام واستعادة كل ما يخص البشرية ونشر الأمن والسلام من جديد ..
كانوا في محطتهم الأخيرة عند أسوار الفاتيكان، يحاصرونه ويريدون تحقيق نبوءة نبيهم، بينما تراجع النظام لمقره الآسيوي كي يضرب من جديد ..
انهارت الأسوار وبلغت الأخبار لكل من هم على وجه البسيطة وكان الاستبشار عارما، ستعود الأرض لرونقها وتنبت الخيرات ويعم الفرح والنور الأرجاء ..
إلا واحدا ..
لم ترق له البتة هذه الهزيمة النكراء وأثارت حنقه، لقد قضى عشرات القرون يعد لهذه المرحلة بعناية، لن يستسلم، هذه الفرصة الأخيرة للعودة، تكاد عروقه تغلي من الغضب، كيف لشرذمة كهؤلاء أن يهدموا كل ما سعى لأجله، استجمع غضبه وصرخ من مكمنه في تلك القمة بصوت هائل أسمع حتى من به صمم ..
صوت الغضبة التي سيعود بها ليسيطر ويمحو (مجد) وقائدهم عن بكرة أبيهم، سيريهم من الجنود والعلوم والآلات ما لم يروه حتى في أسوأ كوابيسهم، سيطلب من حلفائه في البعد الخامس أن يتجهزوا للخروج، سيتمنون حينها لو لم يستدرجوه، لن يترك شبرا في الأرض إلا وأعاده إلى سيطرته ..
سيتمنون حقا لو لم يغضبوه، هكذا حدث نفسه وكله حسم وعزيمة وإصرار ..
وضع يده على عينه وابتسم جذلا وقال :
” لقد كسبتم المعركة فاستعدوا للحرب ..
الأرض لي ووقود استعادتها غضبي .. “

رأيان حول “غضبة …

  1. عبدالله أبو جبل كتب:

    فسيفسائية تتماوج خيالا على نهج مستقبل

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s