عاصفة الصحراء .. من الذاكرة أو ما تبقى منها

IMG_4564
ناداني أخي وحيد لأن دوري اقترب في لعبة (الفرفيرة)، كان التحدي على أشده بيننا وبين صديقنا صاحب (الفرفيرة) (يوسف الكويتي) ..
لم نكن نعرفه بغير هذا الإسم مع أخوته (أحمد الكويتي) و(جمال الكويتي)، كان يسكنون في بيتنا القديم في حارة (المسطاح) في حي (البلد) في مدينة (جيزان) ونحن كنا قد انتقلنا قبلها بعدة أعوام إلى حي (الروضة) لكننا ننزل باستمرار للبلد من أجل اللعب في حارتنا القديمة عند دكان جدي (قادري) رحمه الله ..
أعتصر ذهني لتذكر اسم والدهم لكن بلا فائدة ترجى، ولقبهم (الكويتي) لن ينسى بسهولة من ذاكرتنا جميعا أهل البلد، فهم قدموا من الكويت بعد أحداث غزو صدام ..
1990م – 1411هـ
سنة لا تنسى في حياة جيلنا ..
يومها كنت أبلغ من العمر 13 عاما ..
في إجازة مفتوحة مع كل طلاب المملكة يومها ولا أعرف كم استمرت بالضبط لكنها تجاوزت الأربعة أشهر بدون دراسة، كنا سعيدين بالإجازة ولكننا متذمرين من توقف الرسوم المتحركة وأفلام الكارتون في القناتين الأولى والثانية السعوديتان وحتى قناة اليمن ومصر ..

أخبار الحرب سيطرت على أجواء عالم الكبار، أول مرة نسمع عن مصطلحات مثل (صواريخ سكود) و (سي إن إن) و(صواريخ باتريوت) و(جورج بوش) و( عاصفة الصحراء)..
لم نعد نشاهد العديد من جيراننا وسمعنا أنهم رجعوا لليمن بسبب الحرب كما أخبرتني والدتي حفظها الله ، وأذكر اننا سمعنا مرة صفارة الإنذار من جهة الميناء فارتعبنا جميعا ولجأت لحضن جدتي (الزهراء) رحمها الله ، لاحقا اكتشفنا أنها كانت مجرد تجربة ..
لم نجد ما يشغلنا وقتها سوى كرة القدم التي نلعبها منذ الثامنة صباحا تقريبا وحتى العاشرة ليلا بلا مبالغة ولا يقطع لعبنا سوى الصلاة والأكل عند جدتي (جميع) رحمها الله والملل أحيانا فنغير نشاطنا للألعاب الشعبية وللفرفيرة وبعض ألعاب الحرب مثل القفز على الكفرات حيث نحضر كفرا ونمدده في الأرض ونضع فوق قطعة مسطحة من الخشب مثل (أبلكاش) ونضع الآخر واقفا على بعد قدم منه ونكوّن  طابورا نجرب القفز من على الخشبة متجاوزين الكفر أمامنا، وكل مرحلة بعدها نزيد المسافة بين الكفرين لقدم وقدمين وهكذا..
في أحد أيام ما كنا نسميها بالأزمة، ذهبت مع والدي وعمي إلى حي (العشيماء) قريبا من المبنى القديم ثانوية معاذ حيث مقر مستشفى القوات المسلحة حاليا، العديد من رجال وشباب جيزان تجمعوا هناك من أجل التجنيد التطوعي، تدريب يومي لساعات على اللياقة والسلاح وبعض المهارات الحربية، تمنيت لو كان عمري وقتها 18 عاما لأنضم معهم .. تجربة أتمنى أن تعود في أيامنا هذه ..
كرهنا صدام في تلك الفترة وكان لا يختلف عندنا شرا ومكرا عن أشرار الرسوم المتحركة مثل (سكاراب) في بيونكس 6 و الجني الأزرق مع سندباد وسيلفر في جزيرة الكنز و فيغا الشرير في جراندايزر ..
أحضر أحد أقراننا قناعا للحماية من الاسلحة الكيماوية التي أرعبنا ذكرها ولم نكن نعرف عنها غير ما يحكيه لنا العم عبده مبروك رحمه الله من قراءاته في جريدة الشرق الأوسط، جربنا جميعا لبسها وكم كان التنفس والرؤية فيها صعبة جدا علينا كأطفال ..
معظم وقتي المتبقي قضيته مع أخي وحيد في فيديو الأطلال في شارع فيصل عند مختار الهندي فكنا نساعده في ترتيب الأفلام وبالمقابل نأخذ افلاما عربية وهندية وغربية للمنزل، كالرجل الزئبق والشرطي الآلي والرجل الأخضر وأفلام أميتاب باتشان وعادل إمام ..
رجعنا للدراسة بعد انتهاء (الأزمة) وبأمانة لم نشعر بدخول ولا خروج الحرب علينا في تلك الفترة، ولم نشعر بتبعاتها سوى لاحقا مع أزمة التوظيف والرواتب لتأثر ميزانية المملكة لسنوات بعد الحرب ..
بدأت حينها فصلا جديدا من حياتي مع المراكز الصيفية والكشافة  في الفترة التي تسمى الآن بأيام (الصحوة) ..

3 آراء حول “عاصفة الصحراء .. من الذاكرة أو ما تبقى منها

  1. نورا كتب:

    الأحداث والذكريات المهمة تبقى مسطرة في صفحات العمر وحاضرة في الذاكرة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s