هناك العديد من الظواهر التي تحدث لنا ولا نستطيع تفسيرها، يفسرها بعض علماء الباراسيكولوجي – وهو العلم الذي يدرس الحواس الخارقة للعادة – بأنها ظواهر نتجت عن أحاسيسنا غير الفيزيائية/ الجسدية ..
حواسنا الطبيعية وهي الشم واللمس والذوق والنظر والسمع متعلقة بالجسد وأعضاؤه وتوفر لنا آلية للتفاعل مع العالم من حولنا وتفسير ما نحس به والمعلومات التي تدخل للدماغ لتحليلها، وبصورة أبسط هي وسيلة الإدخال للدماغ لنعرف أن هذا اللون أصفر وهذا الشاي حار وهذا الصوت عذب وهكذا ..
ماذا عن بقية الحواس، حينما تذعر من أمر ما لم يحصل بعد كالحيوانات التي تتنبأ بالزلازل، أو تفكر في فكرة معينة وتجد أحدا بجانبك يفكر بنفس الفكرة وقد تقولانها سوية في نفس الوقت لبعضكما، أو يساورك شعور جيد/ سيء حيال أمر ما، وقد نسميها جميعا بالحاسة السادسة أو الحدس في صورتها الأولية البسيطة وتنتمي للعالم غير الجسدي/ الفيزيائي وممكن أن نطلق عليها حواس روحية..
تلك هي الحواس التي يدرسها الباراسيكولوجي وقسمها علماؤها إلى ثلاثة رئيسية وهي :
التخاطر، الاستبصار، التنبؤ/ الرؤى ..
التخاطر مرتبط غالبا بتوارد الأفكار والشعور بأفكار الغير ويكون أقوى بين التوائم والأمهات ويسمى في الأوساط العلمية بالتيليباثي..
أما الاستبصار فهو إدراك الأشياء أو الأحداث بغير الحواس الطبيعية كرؤية حدث ما بعيد عنك أو في المستقبل كما فعل المعلم الأعظم محمد ﷺ في العديد من الشواهد وأحدها في غزوة الخندق حينما رأى انهيار دولتي الفرس والروم وأيضا في قصة سيدنا عمر رضي الله عنه الشهيرة بسارية الجبل وما يسميه أيضا الصوفيون بكرامات الأولياء، ويرتبط الاستبصار غالبا بنظرية العين الثالثة أو الشاكرا الثالثة وسأفرد لها مقالا مستقلا بإذن الله..
وكذا التنبؤ والرؤى والتي تعرف بأنها جزء من سبعين جزءا من النبوة، تلك الحواس موجودة لدى العديد من البشر ومتفاوتة القوى بشكل طبيعي مثلها مثل الحواس الطبيعية فنجد من هو أحد بصرا أو سمعا من الباقين ومنهم من حرم من هذه الحاسة بأمر الله، ونحن نملك تلك الحواس بصورة بيئية وراثية وقد تضمر بقلة الاستخدام وتزداد بالتدريب والتعلم والتطوير ويلاحظ بأنها أقوى لدى النساء من الرجال فتشعر المرأة بأبنائها وأحبابها وإن كانوا بعيدين عنها، ومنهم من حازها جميعا بأداء عال كالأنبياء عليهم السلام وبعض ممن أنعم الله عليهم بها من عباده ..
يفسر العالم جوزيف راين في تجربته ونظريته Psi-Theta
والتي أجراها عام 1927 في جامعة ديوك والتي تنص على ” أننا جميعا نمتلك قدرات خارقة ذات طبيعة وراثية بيئية ويمكن التدريب عليها وتنميتها وتطويرها لخدمة الانسانية “
وبناءا على نظريته تسابق النازيون ثم السوفييت والأمريكان للاهتمام بتلك الظواهر الخارقة لاستخدامها في الحروب وبعدها صدرت قصص الكوميكس عن البشر الخارقين X men والذين تمردوا على الحكومات التي استخدمتهم كفئران تجارب ..
أختم بفكرة شاغلتني كثيرا، وهي أن الرسول ﷺ كان من أكثر الناس حيازةً لتلك الحواس الخارقة، والسيرة النبوية ملأى بالقصص المماثلة، فهل حاز عليها بإلهام من الله سبحانه وتعالى بالتدريب المكثف لحواسه حينما كان يعتزل طويلا في غار حراء لسنوات قبل البعثة وهو لا يعلم سر ذهابه المتكرر المطول هناك، حيث أن البيئة هناك والهدوء والتأمل والتفكر لفترات طويلة ساعدته لإيصال حواسه إلى درجة عالية من الاتقان تمهيدا لما أصبحت عليه حياته بعدها والتي غيرت مسار البشرية للافضل ..