شاهدت قبل فترة الفيلم الوثائقي “أميركا: تخيل العالم من دونها” الذي يعرض نقاط القوة الأميريكية ويدافع عن نقاط الضعف ومن أبرز نقاط الضعف التي يهاجم الكثير أميركا بسببها (الإبادة الجماعية للسكان الأصليين) الذين نعرفهم باسم الهنود الحمر لكن هذا الاسم لم يعد متداولا..
يتحدث المخرج عن قضية مهمة وخطيرة تاريخيا وهي أن الأميركان الأوائل لم يقوموا بعمل خارج عن ما اعتاده العالم في تلك الفترة..
قد نستنكر نحن حاليا هذه التصرفات اللا إنسانية لكن التاريخ يذكر كثيرا قصص (الفاتحين) أو (الغزاة) ويختلف المسمى بحسب توجه من يكتب التاريخ وقتها ..
قصصهم مليئة بالقتل والنهب والسبي والاغتصاب والإبادة الجماعية وتكاد الأحداث تتكرر سواءا كنت تقرأ في التاريخ البابلي والسومري والفرعوني والصيني والمغولي والفايكنج والأشوري والفارسي والبيزنطي والسرياني والسندي والملاوي والاغريقي والروماني والقوطي والقشتالي والمايان والأزتك والإنكا وغيرها..
كانت ثقافة الغزو عند الملوك والشعوب تتمحور حول نهب الخيرات وترهيب الناس بالقتل والسبي حتى ينصاعون للحكم الجديد فلا توجد حقوق إنسان ولا مجتمع مدني ..
وبعض الدول نشرت ثقافتها بين الدول التي حكمتها خصوصا الرومان البيزنطيون والبريطانيون حين كانت امبراطوريتهم لا تغيب عنها الشمس ..
لدي تساؤلان :
أولاهما عن نظرة العالم غيرالإسلامي للفتوحات الإسلامية وهل يعتبرها غزوا خاصة أن العديد من الشواهد التاريخية تثبت حسن تعامل المسلمين حين انتصارهم ودخول العديد من الدول في آسيا وأفريقيا في الإسلام وهم راضين وقد يكون السبب أن العقيدة كانت هي المحرك الأساسي للانتشار وليست رغبة الحاكم في السلطة والثروة لكن لا ننسى أن أدبيات الأوربيين بالذات في فترة محاكم التفتيش تدل على كرههم الشديد للمسلمين وتصفهم بالغزاة ..
الثاني عن فترات الاستعمار في آخر ثلاثة قرون من بريطانيا وهولندا والبرتغال وفرنسا فهناك أيضا شواهد أن المستعمرين افادوا البلاد التي استعمروها سواءا تنظيميا أو حضاريا ومع ذلك نراها من وجهة نظرنا استعمار غاشم ولا شك ..
كما يقول لي صديقي وليد شعراوي الذي درس في الهند، حدثه أحد الهنود عن مقولة لأحد البريطانيين يتبجح بكونهم أحسنوا للهنود بتوحيد لغتهم حيث صار الهنود يتحدثون الانجليزية فيما بينهم كي يتغلبوا على مشكلة تعدد اللغات واللهجات ..
ماذا عنك عزيزي القاريء ؟!
كيف تصنف الأحداث التاريخية ما إذا كانت (غزوا) و(استعمارا) أم (فتحا) و(تطويرا)