من المعروف حاليا أن (الصليب) بكل أشكاله هو الرمز المعتمد للديانة المسيحية، ما لا يعرفه العديد منا أن هذا الرمز هو من أصل وثني، وسنتحدث لاحقا عن بداية اعتماده من مجمع (نيقية) الشهير الذي أقيم في القرن الرابع الميلادي..
في البدء سنتحدث عن المخلّص، الذي ولد من عذراء، وبشّر به ثلاثة ملوك وأشاروا لنجم سطع في السماء عند ولادته في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، هذا المخلّص الذي تم تعميده من شخصية عظيمة، وكان له 12 حواريا، مشى على الماء وكلم الموتى وشفى المرضى وله أسماء عديدة منها النور وابن الله، ثم خانه أحد أصحابه وتسبب في القبض عليه وصلبه، وبعد وفاته بثلاثة أيام قام من الموت وعلى رأسه تاج من نور..
من يقرأ هذه الصفات سيؤكد جازما أننا نتحدث عن قصة سيدنا عيسى عليه السلام في الرواية الإنجيلية عنه وليست القصة القرآنية طبعا التي أقرّت لنا رفعه للسماء ولم يصلب ولم يقتل، وعدد حوارييه وأصحابه لم يحدّد في القرآن ولم يكن له اسم غير عبدالله وعيسى والمسيح..
اللافت هنا أن هذه القصة -بصفاتها غير المذكورة في القرآن- تتكرر في التاريخ وبتشابه عجيب في الأحداث، هي ذاتها قصة كريشنا الهندي وآتيس اليوناني وديونيسيس اليوناني أيضا وميثرا الفارسي وحورس الفرعوني المصري وبعل الفينيقي وبروميثيوس القرقازي وبيدورو الياباني..
كلهم انطبقت عليهم في التاريخ نفس الصفات الرمزية، الولادة من عذراء، شهادة الملوك، نجم السماء، التعميد، الحواريين الاثني عشر، ابن الإله، الخيانة، الصلب حتى الموت، القيام بعد ثلاثة أيام، تاج النور ..
في اعتقادي أنه مخطط متقن يمرر من شياطين الإنس والجن للشعوب المختلفة، ترسيخا لأشهر عبادة وثنية في التاريخ وهي عبادة الشمس ..
كان القدماء الوثنيون يرون أن الشمس هي من تعطي الحياة للأرض ومن عليها وكانوا يراقبون تحركاتها باستمرار ثم تمكنوا مع ملاحظاتهم للنجوم ومواقعها من أن يحددوا اثني عشرة مجموعة نجمية أطلقوا عليها الأبراج، وبملاحظاتهم أيضا للانقلاب الشتوي قبل الربيع والصيفي قبل الشتاء وبتحرك الشمس بين الشرق فالجنوب ثم الغرب، وجدوا أن الشمس تصل لأقصى نقطة في الجنوب في تاريخ يعادل 22 من ديسمبر الحالي، ثم تستقر في تلك النقطة لثلاثة أيام وتعاود بعدها الصعود من أدنى الجنوب إلى أعلاه، وفي حركتها هذه تمر بين نجمين صعودا وهبوطا مكونة صليبا وهميا في السماء، صعود الشمس يوافق وقتها تاريخ ال 25 من ديسمبر، وهنا تتعامد الشمس مع حزام مجموعة الرجل ذو السيف Orion تلك النجوم الثلاثة التي صممت الأهرامات الثلاثة على نفس امتدادها، وتتعامد أيضا مع نجم الشعرى Sirius ألمع نجم في السماء ..
نلاحظ معا، 12 حواري هم 12 برج، هبوط الشمس ثم صعودها بين النجمين يكوّن الصليب، هبوطها لثلاثة أيام وثباتها تعني الموت، صعودها مجددا في 25 ديسمبر هو ميلاد الشمس الجديد، الثلاثة نجوم في حزام أورايون هم الثلاثة ملوك الذين شهدوا ولادة الشمس، نجم الشعرى هو النجم الذي بشر بميلاد الشمس، ضوؤها الساطع بعدها هو تاج النور..
إشارات ورموز وثنية تعلق بها عباد الشمس ومرروها بخبث في الديانات السماوية كي يحافظوا على موروثهم الوثني..
ومن ضمن هؤلاء كان الامبراطور قسطنطين الذي سمح بممارسة المسيحية بين أهالي مملكته وألا يتعرض لهم أحد بعد أن ازداد عددهم وخاف على استقرار الأمن، قرب منه العديد من الأساقفة وتمكن من تمرير بعض العقائد الوثنية المتعلقة بعبادة الشمس في المسيحية مدعيا أن المسيح هو الله وهو ابن الله ومنها نشأت الأقانيم بأن الله تعالى عما يشركون متحد مع عيسى والروح القدس في كيان واحد، هذه التهمة التي وردت في القرآن الكريم وأجاب سيدنا عيسى عليه السلام بأنه وأمه برئ من هذه التهم..
تناقش المسيحيون نقاشا حادا في ذلك المجمع حول طبيعة المسيح، هل هي طبيعة إلهية أم بشرية، انقسمت بعدها الكنيسة إلى كنيستين شرقية أرثوذكسية وغربية كاثوليكية ودخلت مع الكنيستين العديد من الخرافات الوثنية كما أسلفنا في قصة الأقانيم الثلاثة والصليب وقصة المسيح المحرفة التي شابهت العديد من القصص في تاريخ الأمم السابقة والتي تمثل باختصار دورة حياة الشمس في الانقلاب الشتوي..
للاستزادة حول الموضوع هناك فيلم وثائقي بعنوان zeitgeist وأيضا رواية عزازيل والبحث في أصول عبادة الشمس التي تعتبر أقدم ديانة وثنية في التاريخ..