ديكتاتورية vs طغيان

quote-dictatorship-naturally-arises-out-of-democracy-and-the-most-aggravated-form-of-tyranny-and-slavery-plato-146387

من أول وهلة، ومن الثقافة التي تربينا عليها، ندرك التشابه بين الكلمتين ونتعامل معهما على أنهما مترادفتين لفكرة ومفهوم واحد، ويعني الحكم الجائر المستبد والمضطهد لشعبه، لكنها في الحقيقة تتدرج في المعنى حسب الأصل اللاتيني للكلمة..

حكم الشخص الواحد للشعب يتدرج – من وجهة نظري – لأربعة مستويات، أتناولها بقليل من التفصيل..
المستوى الأول هو الحاكم في منزلة (ملك – سلطان – خليفة – امبراطور) ويميل هذا الحكم لتوزيع المهام والمسؤوليات مع الاحتفاظ بالقرار الأخير والأهم في القضايا المصيرية، وتصل لدرجة أن بعضهم يفوض كامل أمره لوزرائه وحكام الأقاليم ليقوموا بكل شيء بالنيابة عنه، يمتاز هذا الحكم باتفاق الشعب الكامل عليه ومحبته، وكلما زاد كرمه وعطائه زادت مكانته في قلوب من حوله، قد يعيب على هذا الحكم السذاجة أحيانا، مع أن هناك نماذج كثيرة قوية الشخصية وذات مهابة، يظل هو أفضل أشكال حكم الشخص الواحد..

المستوى الثاني هو الأوتوقراط Autocrat وهو حكم الشخص الواحد باتفاق من حوله من أصحاب المسؤولية، ولا يستغني هذا الحكم عن الشورى ويظل أقرب أنماط الحكم للملكية ولكنه بالاختيار والانتخاب ويمنح كافة الصلاحيات، ويعتبر عكس الديموقراطية التي تعني حكم الأغلبية..

المستوى الثالث هو الديكتاتور Dictator وهو المملي للأحكام كما هو أصل الكلمة إملاء Dictation، وكان يطلق على القاضي الذي يتولى سيادة الجمهورية الرومانية في وقت الطواريء ويعين من قبل الشيوخ Senators، هذا النوع من الحكم يتيح للديكتاتور أن يحكم بأريحية وفق القوانين التي يمليها ويؤلفها للشعب ولديه غالبا ميول لتجاهل آراء المستشارين ويمتليء بحب العظمة والاعتداد بالذات لكنه لا يخالف القوانين المعروفة في دولته بل يطوعها لمصلحته، وهذا النوع موجود بكثرة في عالمنا ولكن برداء الديموقراطية وللمزيد اقرأ عن الدولة البيزنطية الرومانية عبر العصور وأيضا شاهد إن أحببت المسلسل الشهير Rome..

المستوى الأخير وهو الطاغية Tyrant من الأصل tyrannos والذي يحكم بالحديد والنار والطغيان والاستعباد والاستبداد، هذا النوع مريض نفسيا (سايكوباث) يتلذذ بالتعذيب والقمع وفرض سيطرته، قد يصل لديه داء العظمة لأن يتخيل نفسه إلها يسير في الأرض والأمثلة كثيرة من فرعون للنمرود، هناك مسلسل هوليوودي حديث بنفس الاسم Tyrant تم تصويره في اسرائيل يتحدث عن حكم عائلة لدولة عربية خيالية بين لبنان وسوريا يدمج فيه القصص بين حكم صدام والقذافي وغيرهم من الحكام العرب في الآونة الأخيرة..

يجمع بينهم جميعا حبهم للسيطرة العسكرية لضمان أمن دولهم وإطالة حكمهم، وهذه الأنماط تتكرر بحذافيرها عبر التاريخ لكن من الذي يتعظ..

رحم الله سيدنا عمر رضي الله عنه حينما قال ( لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لم لم تمهد لها الطريق يا عمر)..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s