ميتامورفوسيس

نبت لي جناحان الليلة الماضية ولم أستطع النوم، جرب أن تنام على مخدات محشوة بالريش والعظام لتفهم قصدي، فانتهى بي الحال نائماً في وضع التشهد..

بحثت عن مقص في الصباح الباكر لأشق فتحات في ملابسي لتناسب أجنحتي وتغطي عيوب جسدي بذات الوقت، نظرت إلى السماء فانتابني شعور الحنين إلى الحرية وانتهت محاولتي للطيران باصطدامي بمنزل جاري والسقوط على سقف سيارته..

خرج جاري عاري الجذع مترهلاً محمر العينين يحاول المرور من الباب الضيق بأجنحته التي تشبه ما لدى الوطاويط، سلم علي بمخالبه وقال لي أنه كان يتابع الأخبار ويبدو أن تحولاً جينياً قد ظهر بين البشر وانقسموا بين طيور وخفافيش، وأن هناك أسقفاً يقول أن هذا تمهيد لحرب عظمى ستقوم بين الملائكة والشياطين فقد اقتربت نهاية العالم..

اعتذرت له عن الضرر الذي حل بمركبته فقال أنه لن يستطيع استعمالها مع مخالبه وأجنحته بأية حال وأن عليه الدخول الآن فالشمس تؤذي عينيه ويحتاج أن يبحث عن سقف مريح في منزله لينام..

عدت إلى منزلي وأنا أرقب محاولات الطيران الفاشلة في الأفق لبعض جيراني الذين تساقطوا وكأن لهم أجنحة شمعية تذوب من الشمس مثل إ(يكاروس)..

لطالما حلم البشر بالطيران، لكن الواقع مختلف عن الأمنيات..

هل سنبحث عن الديدان كل صباح أم نفترس القوارض؟!

هل سنرقص للإناث مستعرضين جمال ريشنا؟!

هل سنطير في أسراب ونحلق بلا هوادة خلف قائدنا؟! هل نترك بيوتنا ونهاجر من قارة إلى قارة؟!

هل سندخل في عين العاصفة راجين ألا تشيح نظرها عنا فتتلقفنا الريح وترمي بنا إلى المجهول؟!

هل كلام الأسقف صحيح ونحن أصبحنا ملائكة؟!

لكن الملائكة من نور ولم ير أحد أجنحتها سوى الأنبياء وهم لا يتألمون مثلنا ولا يحتاجون للأكل والنوم!

أدرت وجهي نحو أشجار الحي، فربما فقدت الطيور أجنحتها ونبت لها أيدي، خفت أن يراني طائر منها فيقذفني بغصين، وحتى لو استطعت تغطية عينيّ بأجنحتي ستتضرر فهي من غضاريف وريش وليست من حديد كما تعلمون..

دخلت منزلي لأعيد تقييم الموقف، أنفي استطال والتحم بأعلى شفتي، تضاءل حجم ذراعيّ، رأسي يتحرك في كل الاتجاهات ولم أستطع التركيز في المرآة، الحل الأخير هو أن أستيقظ، هذا حلم سخيف لا شك في ذلك، ليست نهاية العالم ولا يتعلق الأمر بملائكة وشياطين، ألقيت نظرة على الغرفة لأجد مكاناً مريحاً، برغم جوعي تجاهلت رغبتي لأتخلص من هذا الكابوس بأسرع وقت، كان سريري مقابلاً للنافذة، جلست بصعوبة بسبب مخالب قدميّ، سأواجه النافذة وآخذ نفساً عميقاً وأنام ثم استيقظ ويعود كل شيء كما كان..

استيقظت بعد عدة ساعات، لم يتغير شيء، جسدي يؤلمني بشدة، وهناك طائر على غصن الشجرة المقبلة ويبدو أنه يحمل بندقية صيد، تخيلت في حياتي كل الطرق التي سأموت بها إلا أن يصطادني طائر ببندقية، يا للسخرية..

4 آراء حول “ميتامورفوسيس

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s