ويا لها من نظرة

يأتي الإلهام بلا سابق إنذار، وأعرف أنه لا يهتم بمناسبة التوقيت، يمرّ مشهد ما أمامك في طريق مزدحم فتهطل عليك فكرة نص أو رغبة للرسم أو التقاط صورة تخلده لكن الزحام يجبرك على المُضي في طريقك رغم أنك ما زلت متسمّرًا في اللحظة، فتقوم عيناك بالمهمة وتُبقيك في أتون الرغبة إلى أن تقرر الوقوف جانبًا وتنقل المشهد إلى يديك لتمارس سحرها عليه لئلا يتسرب رمل ذاكرته ولا يعود..
هكذا شعرت يوم قابلتك، تسمرّت عينيّ، لم أحمل مظلتي معي فسقطت الكلمات والبورتريهات على رأسي بينما وقف الإلهام جانبًا يضرب كفًا بكف، أنت من أتيت بلا سابق إنذار هذه المرة، أردت حقًّا أن ألتقط ما تساقط لكنك طالعتني بنظرة، لمحتها وغصت في بحرها، نظرة جمدت الثواني وأوقفت رفرفة الفراشات والطيور المحلقة والسدم السرمدية من أكبر جرم لأصغر وتر فائق..
تلك النظرة التي احتبست الكلمات خلفها وتراقصت المعاني في عمقها، تحكي حبّاً غامراً، عشقاً خالداً في أديم الزمن، يحرر الثواني وأجنحة الفراشات ويعيد الطيور لدربها والأبعاد لتوازنها، فما الكون إن لم يكن عينيك..
لم يكن حُبًّا من النظرة الأولى..
كان من نظرة لا تعترف بالترتيب ولا تنحاز للأولويات..
ويا لها من نظرة..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s