
المتتبع لقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام لا يملك إلا الانبهار بهذا الرجل الذي واجه العالم، غيّر العالم، أعاد البشرية للبشر..
قرأت في بعض المراجع تسمية له بـ(الباحث عن الحقيقة) بينما أرى أنه كان موقنًا بالحقيقة في داخله ولكنه كان يبحث عن وسيلة يوجه بها البشر إلى نافذة الوعي المطلق في منزل الإيمان الذي دعا إليه آباءه من قبل نوح وادريس وشيث وآدم عليهم السلام..
الموقف الأول:
في محاكاة لتأملات العارفين، رأى كوكبًا، ثم القمر، ثم الشمس، وفي كل مرة يقول لهم لا، ربي أكبر، الله أكبر، أنتم لا ترون الحقيقة وراء هذا الكون المحكم..
قومه في ذلك الوقت كانوا يعبدون الشمس بإيحاء من الشياطين، حاكمهم النمرود تحالف مع إبليس الذي وجد فيه ضالته، غرور وبطش وشخصية كاريزمية، سلط الشياطين على قومه، وأكبرهم مولوخ شيطان القرابين البشرية، وبعل الشيطان الذي ادعى التحكم في السماء، بينما ادعى نمرود أن روح أتو شمش حلّت فيه وأنه هو الرب (ومنها وصلتنا كلمة شمش/شمس)..
عبادة الشمس هي لعبة الشيطان المفضلة، تنقل بها بين العصور والحضارات (أبولو عند الإغريق، رع المصري، ميثرا الفارسي، وغيرهم)، ولكي يغويهم عن الصورة الأوضح، أخبرهم أن الشمس هي الرب، والنجوم هي أرواح الأسلاف، وهو (لوسيفر – حامل الضياء)، الذي يأتي بالضياء من الشمس للأرض، الذي يقدم النور للبشر كما في أسطورة بروميثيوس الذي تمرد على آلهة الإغريق وسرق منهم النار ليعطي البشر في إسقاط صارخ على مظلوميته يوم طرد من السماء بعد أن كان ملِكًا لها وستجد تمثيله واضحًا في التماثيل التي تحمل (شعلة)..
لذلك كان الحضور الطاغي للشاب إبراهيم الذي لم يكن والدًا للأنبياء فحسب، بل والدًا للثورة على الظلم والشرك والمؤامرات ووالدًا للحقيقة والوعي..
فقد نبه قومه بأن الشمس ليست سوى نجم، وهدم الأصنام، ونجا من النار وكلها قصص حقيقية لكن رمزياتها دامت عبر العصور، من النار نولد من جديد، من احتراق الفحم نخرج ألماسًا..
الموقف الثاني:
يا نمرود ألست تدعي أنك إله الشمس، فالله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، جملة بسيطة هدم بها عقيدة..
الموقف الثالث:
يا إبراهيم اذبح ابنك اسماعيل، ثم فداه الله بذبح عظيم، لماذا ؟!
التضحية بالبشر هي أساس عقيدة عباد الشمس وحاميها مولوخ، مولوخ الشيطان العتيد لا يرضى إلا بالأطفال ويطعم أتباعه دماءهم لينتشوا منها، وهذا التقليد موجود إلى الآن ضمن أوساط النخبة، فشرب دماء الأطفال وخاصة ما ينتج عند خوفهم ورعبهم الشديد (الأدرينالين) يفوق تأثير أقوى مخدر ويؤخر الشيخوخة وهكذا يضمن مولوخ أن أتباعه لن يعصوا له أمرًا، فمخدر (أدرينوكروم) هو أقوى مخدر في العالم في عصرنا الحالي..
هكذا هدم الله سبحانه عقيدتهم بأن أوحى لإبراهيم بأن يضحي بأغلى ما لديه (اسماعيل) ثم فداه بالكبش، كان الشيطان بافوميت يتشبه بالكبش والماعز فكان ذبح الكبش كناية عن ذبح عقيدة الشيطان وتفضيل البشر بدلًا من تقديمهم أضحية لمولوخ بمباركة النمرود..
قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام تضج بالرمزيات التي تحكي صراع الخير والشر، الملائكة والبشر المؤمنين ضد الشياطين من الجن والأنس وأزلامهم..
وكما نصر الله إبراهيم في ذلك الزمن الغابر وأتى من نسله الأنبياء تنشر النور وتحطم اسطورة حامل الضياء المزيف، فقد ختمت بأفضل شخصية مرت على البشرية، سيدنا محمد ﷺ الذي هدم ما تبقى من شرائع الظلام للأبد بوحي من الله..





رغم ان النص مختصر جدا الا انه معجِب. سرد رائع.
ربي يسعدك 🙏🏼
اعتقد ان معلومة الأدرينوكروم غير دقيقة وتفسير ان مخدرة بحاجة للتأكيد.
Adrenochrome 👍🏻
صادفتني قبل عامين ومن وقتها ينهال علي سيل من المعلومات الصادمة