ماذا لو كنت ظلًا أفر من عتمتي إلى نورك كي أبقى

حانت ساعة رحيلي المرتقب، انتابني حماس طفل سيذهب للمدرسة لأول مرة، هذا أقرب وصف ممكن فأنا فعلًا أغادر عالمي للمرة الأولى، سأرافق إنسانًا في هذه الحياة، إن نجحت في هذه الرحلة فلعلي أرافق شجرة أو منارة مسجد أو حتى برجًا فولاذيًا، هذا أنسب لي من أن أرافق حيوانًا أو مركبة متحركة، من يدري؟!

عالمنا مظلم، لا أستطيع وصف شدة إظلامه، لكننا نرى بعضنا، نشعر ببعضنا، نتهادى الأمنيات ونستمع لقصص الأولين الذين رافقوا الأنبياء والحيتان وشهدوا قبح المعارك في سحنات المقاتلين مع ساعات النهار الأولى وعند اقتراب الغروب، لكن ما يشد أفئدتنا أكثر هو حكايا الحب تحت أنظار القمر وتبتلات العابدين على هدى شمعة..

يقولون أن لكل إنسان روح واحدة، ولكل روح تجربة واحدة ثم تعود لعالمها وتنتظر، تساءلت مرارًا عن كنه عالمهم، أخبرونا أنه في أصل شجرة، شجرة من نور، يأوون إليها زرافات ووحدانا ويتناجون بينهم، ربما مثلنا، يستمعون للأرواح الأولى وهي تسرد ذكرياتها، وروح وليدة تتحمس مثلي لأن تغادر، سترافق إنسانًا، ذات المهمة التي أحملها على عاتقي، لكنها كما علمت ستكون واعية، تفكر، تحب، تشعر، تتواجد في الضياء والعتمة، بعكسي أنا..

أنا القادم من عالم الظلال، جميعناً نتشابه، بلا ملامح، كائنات تتغذى على النور لتبقى، وتتلحف الظلام لتستريح، أنا الشاهد على مشاعر لا أفهمها، ومانح الفيء لمن طاردته شمس الظهيرة، والراحل الأخير عن رفيقي بعدما يدفن جسده وتغادر روحه، فأحمل أسرارًا معي غير قابلة للبوح وأعود لعالمي، ممنيًا نفسي بأن أعود ولو رفيقًا لغيمة..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s