قبل أن يعيدوا نظاراتهم إلى أماكنها..

هناك نظارة خفية نرتديها لرؤية الأشياء البعيدة عن متناولنا، نظرة انبهار ممزوجة بفضول وشغف لمعرفة المزيد، منتج ما يتحدث الكل عنه ونحن لا نعرفه، شخص معين قد يكون مشهورًا أو مغتربًا أو لديه حضور طاغٍ، شيء ما بداخلنا يريد أن يكتشف هذا المجهول، نقترب منه، نلمسه بلا تحفظ كسائر على الماء لا يخشى البلل..

ما أن يقترب منا ونراه، تزول الهالة، نضع النظارة في جيبنا، ما أن أصبح في المتناول حتى فقد قيمته، ليس هناك من جديد لنعرفه عنه، ربما هناك حكمة في وضع حاجز أمام اللوحات الثمينة في المتاحف كي لا نقترب ونرى التشققات التي اعترتها، لم يرحمها الزمن فسُخر لها من يضع حواجزًا تعيد النظرة الأولى..

وصفني أحدهم بأنني (غامض)، ربما، لا أعلم إن كان غموضًا أم حفاظًا على حاجز وهمي يمنعهم من اكتشاف ما أنا عليه حقًا كإنسان، ربما أن الغربة كانت عاملًا مهمًا يغريهم بالاقتراب والوعود باللقاء حال عودتي، وبما أنني صرت في المتناول وأعادوا نظاراتهم إلى أماكنها وتبخرت الوعود، فلعلي أحتفظ بهالتي وطاقتي، فما زلت أشعر بأنني في غربة وإن كنت في وطني، ربما ينبغي علينا جميعًا أن نصبح غامضين لحد ما، لا جدوى من أن تكون متاحًا كأي موضة عابرة سرعان ما يتم تجاوزها..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s