ندّاهة.. (من الأساطير الجيزانية)

في منتصف حقل الذرة، والليل يتثائب كحارسٍ كهل على بوابة مقبرة ينتظر استيقاظ الديكة، وقف (فواز) جاحظ العينين ويردد بلا انقطاع:

” فاطم، … فاطم حسن،… فاطم..” قبل أن تمتد يدٌ فاتنة لكتفه وتسحبه إليها بلا حول له ولا قوة منقادًا كشاة في يوم النحر..

****

-“فاطم حسن..

اختلفت الروايات حولها، ولكنني أذكر أن ابن عمي حكى لنا أنها جنية فائقة الجمال وأنها ابنة (حسين مسفر جحفان) ملك الجن في الجبل الذي نراه في أفق قريتنا، لقد أحبت شابًا من البشر وهربت معه، ولكن أعوان والدها أدركاهما وصلبوا الشاب ثم خيّر أهل قريته بين الرحيل أو حرقهم أحياء..

إقرأ المزيد

هل يتسع خيالكم للمزيد ؟!

‫سمعت فتاة من غرفتها‬

‫صوت أمها تناديها عند الدرج 😳‬

‫خرجت تلبي النداء‬

‫وقبل وصولها للدرج‬

‫سحبتها يد أمها لداخل غرفة أخرى‬

‫وهي تأمرها بالصمت وتشير للأسفل وتقول:‬

(قد سمعت ذلك أيضاً)😨‬

‫وهي بالداخل‬

‫وصلتها رسالة من رقم أمها تقول:‬

‫خرجت مع والدك قبل ساعة وسنتأخر بالخارج فلا تنتظرينا 😱‬

‫ثم استوعبت أن أمها ميتة منذ خمس سنوات في حادث شنيع 👻‬

‫وتذكرت أيضاً أنها هي الأخرى ماتت في نفس الحادث🧟‍♀️‬

هيواااه هيواااه .. (من الأساطير الجيزانية)

(هندول) هو عبارة عن قماش قديم مهترئ في (قعادة) خشبية يعود زمنها لما قبل اختراع العجلة..

هنا أنام فيما يشبه المهد الذي تهزه الأم بحنان لينام طفلها..

لكن في هذه الحالة أنا ذلك الطفل، أنام بعد خبطة (وضينة) هائلة على ظهري من سيدة أظنها أمي، بينما تهز هي الهندول بقدمها في عنف لا تعنيه بقصد التعجيل في نومي لتتفرغ لذلك الذي يدعى والدي كي تلحق الليلة معه بقسمات عابسة..

يزعجني ضوء الفانوس القابع في المنتصف، منتصف ماذا ؟! بيتنا طبعاً الذي هو عبارة عن غرفة هي بيت أو بيت من غرفة واحدة أو (عشة) كما نسميها..

أطفال أظنهم أخوتي ينامون في الأرض على حصير به بقايا الغداء فنحن لا نتعشى في أغلب الأحيان كما هو حال معظم من في القرية..

نعود للفانوس القابع في المنتصف، منتصف الشيء الذي نحن نحكي القصة فيه الآن فلا تزعجني فأنا لا زلت طفلاً في الثانية ولا أجيد الوصف كما ترى..

حينما أعجز عن مقاومة النوم والتحديق بكراهية في ذلك الفانوس أنقلب على جنبي لأواجه الظلام والقابعين فيه..

هناك جانب ممزق في الهندول يتيح لي أن أراقبهم وهم يتهامسون ، وكأنهم أمراء حرب على طاولة المعركة يتجاسرون على من منهم سيهاجم أولاً..

وتمر ليلتي بأجفانٍ مثقلة بين تلك الأعين المضيئة التي تتنقل من بقعة لبقعة تحت القعادة والأصوات الخافتة التي لو سمعها الأطفال النائمون على الحصير لما غمض لهم جفن وبين الفانوس المقيت في الجهة المقابلة والسيدة التي تهز الهندول وتغرس كعبها في بطني مع كل هزة وتغني (هيواااه هيواااه.. يا الله ارقد مرقد) ومعدتي التي تصرخ جوعاً فتصرخ دموعي معها..

متى سأكبر وأنام على الحصير يا تُرى ؟!

بعيداً عن وكزات كعبها وهمسات الأعين التي لا تستقر خلف (الهندول)..

(اللوحة للمبدع القدير جبران زكري)

أبو كلبان vs النباش (من الأساطير الجيزانية)

17352370_10155153489058804_5806022510802182211_n

(1)

جذبته الرائحة العطنة عن بعد، قوّس ظهره وانطلق كالسهم متتبعاً أثرها، أضفى نور القمر مهابةً على الظلال الحية، اقترب أكثر من مصدر تلك الرائحة، وأكثر بحذر متصاعد، توارى خلف شجيرة مات ظلها، رأى تلك الجثة الرابضة بلا حراك بينما تمزقها مخالب ذلك الكائن الذي لمحه في لحظة فتوقف عن نهش الجثة، التقت عيناهما الخاليتان من البياض، خطا نحوه بقامته الفارعة وذلك الكائن يحاول تحليل واستيعاب ما يرى، لم يسبق له أن رأى مثله، جسد انسان ضخم يعلوه رأس ذئب مزمجر، تراجع إلى الوراء ووقف على قامته متأهباً للاشتباك، حضرت المشاعل تباعاً يصحبها ضجيج وصياح من ثلة من البشر، اضطربت خطواتهما بين اندفاعٍ للقتال وبين هروب آمن، آثرا تأجيل المواجهة لوقت لاحق وانطلقا كل في جهة، سمعوا صراخ الناس على الجثة من خلفهم ومنهم من يقسم بأن هذا من فعل (النباش) وآخرون يقسمون بأنهم رأوا (أبو كلبان)..

إقرأ المزيد

معصارة امصليط … (من الأساطير الجيزانية)

(1)

استفزني ذلك الدوران الرتيب والخطوات اليائسة المنتظمة للبعير في معصارة السمسم في السوق التراثي، يدور عكس عقارب الساعة كأنه كوكبٌ محتوم عليه بالدوران حول شمسه، عيناه لا تريان إلا أمامه وعقله المحدود لا يستوعب مفهوم الدوران فهو يحسب أنه يقطع المسافات الطوال ليلحق بالقافلة..

ينتج من دورانه المجهد تلك العصارة الذهبية للسمسم – (صليط) كما نسميه، تذكرت تلك الكلمة النابية، لا أستطيع إخراجها من رأسي، تبّاً، لقد رآني ذلك الكهل صاحب المعصارة..
إقرأ المزيد

قطران .. (من الأساطير الجيزانية)

14563418_10154627333553804_3309406166142779942_n

(1)

-لكني أؤكد لك يا أمي.. لعلك مخطئة.. 

لا أشتم أي رائحة هنا خلاف البخور الكثيف (للمستكة)الذي وضعته جدتي ويكاد يخرج من أذنيّ، حتى صوت القرآن الكريم من الإذاعة تاه بين الدخان، أشك أننا في مقهى (معسلات) أو جلسة (ساونا).. 

أمتأكدة يا أمي أنك تشمين رائحة (الشوب)، ربما الرائحة تصدر من أنفك..
إقرأ المزيد

حَذَر

FullSizeRender
إنهم يأتون مع الريح

احذر من الريح

إنهم يحضرون من عمق الظلام

ابق بعيداً عن الظلام

إنهم يتشكلون في هيئة أقرب الناس لك

خذ حذرك ولا تثق بأحد

أبداً

حتى أنا

آه الظلال، نعم الظلال

لقد تذكرت

لا تدع ظلك يهرب منك

لن يعود ثانية

أي إنسان بلا ظل

يعني أنه منهم

صَحْفَة … (من الاساطير الجيزانية)

Scratches on stainless steel pot.

(1)

إنه يوم الخميس في بدايات القرن العشرين، يوم سوق (الخوبة) الشعبي العريق، يوم البيع والشراء وتبادل البضائع بين أهالي المنطقة، انطلق (عكّاش) على ظهر دابته مصطحباً معه وحيده الصغير (حسن) وقليلاً من الدواب ومحصول الموسم من (الشعير) و(الذرة) ليبيعها ويحضر لمنزله بعض الاحتياجات، أمضى طوال الطريق وهو يتذكر بصعوبة ما وصته به زوجته، ولطول القائمة وزع الحفظ بين وبين ولده، كلاهما أمّيان ولا يملكان سوى أذهانهما المشغولة بمداولات البيع والشراء، لكنه يتذكر جيداً أنه يريد (صحفة) يشرب منها عوضا عن التي تشققت، قالت له زوجته أنها ستدهنها بقليل من (الشوب/القطران) وترممها بقليل من الطين وتوقد عليها النار فتعود كالجديدة، لكنه تباهيا قرر الحصول على واحدة جديدة خاصة به..

إقرأ المزيد

المهمة …

IMG_6151

(1)
طرق الجندي الباب يستأذن بالدخول، أشار إليه الرائد (عبدالله) بأن يدخل:
– لقد أحضرنا الشخص الغريب الذي قبضنا عليه في الحرم، الأوامر تقتضي بأن نجلبه إليك للتحقيق..
– حسنا، أدخله حالا..

تناول آخر رشفة من القهوة التي يشربها مركزة حتى يتم مهمة التحقيق مع هذا الشخص، فالمعلومات التي وردته بأن الناس اجتمعوا يتباركون به في البيت الحرام، لعله مخبول صوفي آخر أو مدعٍ للنبوة وصدقّه البسطاء، صادف العديد من أمثاله بحكم تخصصه الرئيسي في علم النفس قبل أن يتقدم للالتحاق في السلك العسكري، وهاهو الآن يشار إليه بالبنان كمحقق محنك ذو رؤية عميقة وعينين حادتين تكادان تنفذان لأرواح من يخاطبهم، ترى ما الجديد في هذا الشخص حتى يوقظوه من نومه وفي يوم راحته للأهمية..

إقرأ المزيد

استحالة …

IMG_5500
” – كل ما عليك فعله هو مرافقة ذلك الفتي الصغير ثم التخلص منه بداخل حقل الطاقة، مهمة صعبة وأشبه بالمستحيلة ولكني أثق كثيرا بقدرتك على تنفيذها .. “
هكذا خاطب المعلم الكهل تلميذه الفارس الأبيض ملقنا إياه آخر تعليمات مهمته المقبلة، قد تكون مهمته الأخيرة إذا لم ينجح في إنهائها وسيترتب عليها مستقبل جنسنا أجمع ..