النجاة من فخ الكتابة..

ما أن يحط الكاتب رحاله عند حدود الكتابة، تتحول الأفكار إلى غابة موحشة مظلمة تحتاج لرحالة خبير في الملاحة ليجتاز هذه الأفكار والأشواك والأفخاخ، وكذلك لكي يخرج منها سليمًا قادرًا على الصعود للقمم التي ستتضح ملامحها حالما يجد ضالته في غابة الأفكار..

هذه وصايا للحفاظ على ثباتك العقلي وتدريب مهاراتك ومرونتك، لتلتقط الأفكار وتتفادى الأخطار عليك أن تكون مستعدًا كما تعلمنا في الكشافة قبل خوض الرحلات البرية..

أول وصية هي: وجّه بوصلتك..
الشمال هو الخيال والجنوب هو الواقع، وما بينهما 360 درجة من الإبداع، أينما توجهت ستصل، لكن حدد أولًا، ماذا سأكتب؟! لمن سأكتب؟! كيف سأكتب؟! متى سأكتب؟! ولماذا سأكتب؟!
إن حددت الاتجاه ستوصلك البوصلة بسلام، لا تنس الاسترشاد بالنجوم إن استطعت، فهناك كُتّاب اختاروا السماء وجهتهم وكانوا مصابيح لمن بعدهم..
احذر من فخاخ النجوم المزيفة ودور النشر الاستغلالية..

إقرأ المزيد

لا تقابل أبطالك..

من اللحظة الأولى التي رأيت فيها تزاحم زملائي بالمدرسة على شباك المقصف، مرورًا بالأرتال البشرية التي تتسلل لتحظى بلمس الحجر الأسود أو رمي الجمرة الكبرى، وبرفقة مشاهد التدافع على رغيف العيش في الأفلام القديمة، وصولًا لحالة الازدحام لجماهير تنتظر فريقها وثلة مهووسة بنجم ما تريد التقاط صورة معه أو تحظى بتوقيعه على كرة أو قميص أو كتاب أو حتى جبهة فارغة، وأنا أهرب من زحام البشر كمرتحل عند بوابة مدينة أصيبت بالطاعون في القرون المظلمة..

حالة الاكتظاظ هذه لها ألف تبرير عندما تتماسّ مع احتياج بشري كالأكل أو روحي كالعبادة، لكنها كذلك تغذية سلبية لغرور بعض من يرى أن شهرته هي تذكرة ذهاب إلى قلوب الناس بلا عودة وأنه شخص جدير بالاحتفاء وحتى الاقتناء، فهو بطل، أليس كذلك؟!

إقرأ المزيد

الباب الذي كانت نهايته (سودا)..

يقال -وركز معي في الموضوع عزيزي القارئ لأنه ثبت علميًا وأنت تعلم ما معنى أن يكون الموضوع ثبت علميًا فهذه الإجابة الملجمة لكل المشككين- نعم، نسيت بداية الموضوع، آه نعم، يقال أن هناك واقعً نعيشه الآن أو ما يسمى reality، وواقعٌ بديلٌ أو ما يسمى Alt-reality وربما نستخدم الجمع في هذه الحالة لكنني لا أعرف جمع كلمة (واقع)، ألم أقل لكم أن قفلة الكتابة تنسيك حتى أساسيات اللغة؟! قلت لكم ذلك من قبل، أليس كذلك؟!

عمومًا – استخدمت كلمة عموما لأنسيكم حقيقة أنني لم أعد أحصل على أفكار للكتابة كما السابق- نعم، آه عمومًا، الآن أكتب المقال هذا وأستحضر المعلومة السابقة، واقع أصلي وواقع بديل، بل تتطرف المعلومة لتقول أن كل ما نتخيله يقع، بمعنى أن شكسبير عندما كتب مسرحياته، نتج عن كل قصة واقع بديل لأبطالها، كأن فرعًا بسيطًا انبثق من شجرة عقله واستقل، هذا الفرع branch يحمل واقعه الخاص، بذات الطريقة تعيش كل أساطير العالم في أفرع نبتت من خيال كّتّابها في عالمها الخاص وأصبحت شيئًا حقيقيًا، هل فهمتم قصدي أم أن قفلة القراءة داهمتكم أيضًا، أقصد قفلة الكتابة، لحظة، أنا الكاتب فلماذا تداهمكم هذه القفلة؟!
لا عليكم، عمومًا، أنا أكتب هذا المقال عن العوالم البديلة -لا أعرف جمع كلمة واقع فلا تزعجوني- أكتب المقال في منزل صديقي (يحيى) الذي كتبت له الإهداء في كتابي السابق (الأبواب التي رأت) وقال لي يومها بعد أن قرأ قصص الكتاب: (نهايتك سودا يا وليد)، ثم أطلق ضحكة شريرة بعدها، لم أفهم الرابط العجيب، لكن تذكر يا (يحيى) أن الكتاب صدر منذ أربعة أعوام ثم داهمتني قفلة الكتابة بعدها، أظن لوجود اسمك سبب فيما يحصل لي، نهايتي سوداء ومنيلة بستين نيلة لأننا أصدقاء..

إقرأ المزيد