حوار لم يحدث.. (فضفضة عن مدينة جيزان)

لو كانت للحماسة رائحة عبر الشاشات لشممتها من حديثه معي طوال ساعتين توقفنا فيها فقط بضع دقائق لتلبية الحاجات البيولوجية المعتادة ..
انتقل مع عائلته إلى جدة بعد حرب الخليج مباشرة وانقطعت علاقتهم بحيهم القديم والجيران، درس إلى أن وصل للماجسيتر في الهندسة من الولايات المتحدة وستنتهي غربته قريباً ويعود بعد أن حصل على فرصة عمل في أحد الشركات الكبرى في المنطقة..
تعرفت عليه مؤخراً عن طريق صديق مشترك في الفيسبوك وبدأ يسألني بنهم حتى أحسست بشعور مدافعي الفرق الصغيرة وهم يتلقون الهجمة تلو الهجمة من فريق يريد ضمان تحقيق الدوري إن فاز في هذه المباراة..
-حدثني عن جيزان البلد، حارة الصعايدة وحارة الكواكية والمسطاح وحارة الزرارية والدوارية ومسجد عباس عقيل وبقالة همام وشارع فيصل وصيدلية عزيز واستريو الأطلال والسوق الداخلي و….
-رويدك رويدك، اممم تقريباً كما هم ما عدا أن همام أصبح سوبرماركت واستريو الأطلال اختفى على ما أعتقد.. بقية الحارات موجودة لكن التركيبة السكانية اختلفت، نزحوا شمالاً للأحياء الجديدة وفقدت الأحياء القديمة رونقها..
-يا للحسرة وددت لو أنني سكنت في بيتنا القديم وأذهب منه إلى الشركة كل صباح..
-لا أفضل لك ذلك، عندما تأتي سترى بعينك الفرق، لقد تطورت جيزان كثيراً على الصعيد الحضاري والتجاري ولكن …
-ولكن ماذا ؟!
-لا عليك مجرد مشاكل بسيطة لا تختلف عن مشاكل بقية المدن..
-أخبرني بالله عليك، لقد تعلمت أن أفضل وسيلة للتأقلم في البيئات الجديدة هي أن أعرف كل شيء عنها، عندما بحثت في محرك البحث لم تتعد النتائج الأخبار الرسمية عن الحد الجنوبي والمهرجانات وصور المسؤولين هنا وهناك ومقتطفات من المحافظات..
لمحت نقاشات بسيطة في تويتر وانتقادات لكن من يرى ليس كمن يسمع ..
-انتقادات كماذا مثلاً ؟!
-يعني.. الدوار القديم عند مطعم النورس سابقاً وسوق شمس، تحول لجسر ثم عاد لكبري ثم .. لقد أصبت بالدوار، أيضا المستشفى الذي هدم بسبب احتراقه أم أنه لم يهدم، هل بنوا غيره ؟!
أصدقني القول، أحب أن أشارك مجتمعي، هل ترى لو أنني وكلت محامي ليتابع هذه القضايا بالنيابة عنكم، هل سيتقبل المجتمع ذلك خاصة أن خروج والدي كان لخلاف كبير بينه وبين مسؤول سابق..
-أنا عاجز عن الرد حقيقة، جزء مني يقول أن تصرفك هذا مثالي ويجب أن أدعمك، والجزء الآخر يلح علي بأن أثنيك عن ذلك وأحثك على ممارسة حياتك الطبيعية والتميز في عملك..
-ولكن للمجتمع حق علي وعليك وعلى الجميع، لماذا لا يجتمع مجموعة ويطالبون بكل الخدمات، الوعي تغير ولا بد أن تطلب الحق لتناله ولا تكتفي بالنقد في وسائل التواصل..
-……..
-ما بالك صمتت فجأة ؟! هل ضايقتك؟!
-لا.. تذكرت فقط نظافة المرافق السياحية ومقر مستشفى النساء والولادة والمستشفى التخصصي اللذان توقفتا وتوزيع المدارس داخل الأحياء ولجنة التنمية الوحيدة في المدينة والشوارع المهترئة والزحام الذي لا ينتهي في الشارع الوحيد الذي يربط الشرق بالغرب وصكوك الأراضي المتوقفة ومنح الضاحية التي حرمنا منها والمتسلقين على جهود الآخرين هذا غير صراع الأقران وحسد الزملاء وتبجيل الغريب وقلة أدب بعض المغتربين و..و..
-مهلاً مهلاً وكأني نكأت جرحاً بل جروحاً.. هل تريد أن تتحدث بهدوء وتشرح لي..
-أنا في حيرة مرة أخرى، هل أحكي لك أم أنصحك بالبحث عن وجهة أخرى أو التأقلم على الموجود ؟! ..
-لماذا لا تسجلون مطالبكم إذاً وترفعونها للحاكم الإداري وبقية المسؤولين ؟!
-صدقني .. حاولنا .. وهم يعلمون .. ويكفي إلى هنا .. سأنتظرك وسنكمل حديثنا في أي مطعم تختاره حينما تصل.
-مطعم شعبي بلا أدنى شك.. اشتقت كثيراً لطعم الطفولة ..

إقرأ المزيد

الباحث عن الحقيقة

المتتبع لقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام لا يملك إلا الانبهار بهذا الرجل الذي واجه العالم، غيّر العالم، أعاد البشرية للبشر..
قرأت في بعض المراجع تسمية له بـ(الباحث عن الحقيقة) بينما أرى أنه كان موقنًا بالحقيقة في داخله ولكنه كان يبحث عن وسيلة يوجه بها البشر إلى نافذة الوعي المطلق في منزل الإيمان الذي دعا إليه آباءه من قبل نوح وادريس وشيث وآدم عليهم السلام..

إقرأ المزيد