لأكمل فكرة العنوان قبل الخوض في التفاصيل، الكتابة مشروع لا ينتهي سواء بالنشر المستمر للكتب أو الاستمرارية في الكتابة في المنصات التي تتاح للكاتب من صحف ومجلات ومدونات وصفحات شخصية ومجموعات تهتم بالقراءة والنشر..
راودتني هذه الفكرة وقت قراءة خبر عابر في معرض دولي للكتب في دولة المغرب يخص الكاتب السعودي أسامة المسلم الذي تجمهر عليه محبيه لنيل توقيعه في مشهد يذكرنا بإصدارات هاري بوتر والكاتبة رولينج، لا أعرف الكاتب شخصيا ولم أقرأ له عملًا كاملًا من قبل بل عدة مقتطفات لم أكملها وأعطتني الانطباع كقارئ مهتم بالفانتازيا منذ عقود بأن العمل ليس لي، وهذا الانطباع ليس له ارتباط بأسلوب الكاتب أو فكرة كتبه بقدر ماهي قناعة داخلية وشخصية بأنه لن يستطيع كاتب عربي على جذب انتباهي بعد رحيل العباقرة د. أحمد خالد توفيق ود، نبيل فاروق، ولكن هذا لا يمنعني من الإشادة بجهود الكاتب وحرصه على مواصلة إبداعه الذي يأسر الكثير ونعود هنا لعنوان المقال..
ما الذي جعل أسامة المسلم يستمر ويكسب كل هذه الجماهيرية التي يستحقها، بكل اختصار: مشروعه الكتابي والذي تجاوز العشرون عملًا كما قرأت، وهنا تتضح جدية الكاتب وثقته بنفسه وقدراته ومدى قدرته على المواصلة والاستفادة من النقد وتجاهل الانتقاد والأهم من ذلك كله تحديده جمهوره بعناية، وأهنئه على صدقه مع نفسه حيث لم يستهدف جوائز أو دراسات نقدية أو رأي نخبوي- مع تحفظي على هذه الكلمة لعدم إيماني بفكرة النخبوية ولا أراها سوى تقليد لإبليس في قوله (أنا خير منه)- ولذلك استمر الكاتب أسامة في سعيه لإرضاء ذاته أولًا من خلال غزارة الانتاج ثم ذائقة جماهيره مهما كانت أعمارهم..
مهم جدًا للكاتب أن يستمر حتى لو لم ينشر، هذا يذكرني بأستاذي محمد حسن بوكر غزير الإنتاج الذي شاركنا إصداراته غير المنشورة والتي تعدت العشرين عملًا في الأدب والتاريخ المحلي والشعبي، وبتجربة أنيس منصور ونبيل فاروق وأحمد خالد توفيق وغيرهم تجاوزت إصداراتهم المتنوعة الرقم مائة، وهو دليل ثقافة عالية وقراءة مستمرة فلا يستطيع أي كاتب إنتاج هذا الكم الهائل من الإصدارات بدون قراءة متعمقة ويؤكد لنا مقولة أن الكاتب الجيد هو في الأصل قارئ جيد..
لذلك أرى أن يستمر الكاتب في الإنتاج مهما كانت العقبات سواء في نشر الكتب وتسويقها وحتى الجمهور المستهدف، عليك صديقي الكاتب أن تمكن الأفكار من الخروج إلى العالم وستجد فرصتها يومًا للحياة في عين قارئ متحمس، وقد ينتشر لك إصدار ما فيسلط الضوء على بقية إصداراتك كما حدث للعديد من الكتاب قبلك..