البحر الذي أنصت لقلبه

أنا وأنت

موجتان تنبضان في البحر

يرتفع نبضك

تعاكسين الريح والتيار وتقدمين إليّ

أرتفع وأقترب منك

نصبح موجة واحدة

ننبض معاً

يعرفنا السمك فيصغي إلينا وتأتينا النوارس والدلافين

ننبض كما لو أن البحر جسدنا

فيغار القمر منا ويحتجب بالسحب وتهطل دموعه خلالها

فيضطرب الجسد

ننبض بشكل متسارع ثم نهدأ ونستكين

فتبتسم السحب وتكف أدمعها ويخجل القمر فتضيء ملامحه

وتقترب الأنجم رغم ضياءه فتراقب نبضنا

وتنام النوارس على صفحتنا

ترتفع موجتنا بالشغف وتهبط بالحب والسلام

أبتعد بموجتي قليلاً لتعود وتقبّلك

وننبض

أحمد البحراوي.. (ما تبقى من ذاكرة الأجداد)

قبل عدة أشهر وبالمصادفة أخبرني ولدي خالد بأن اسم عائلتنا ليس (قادري) بل البحراوي، سألته باستغراب وابتسامة ساخرة: من أين لك هذا الخبر ؟! فأجابني بأنه سمع ذلك من والدي..

اسمي وليد ابراهيم قادري ابراهيم قادري أحمد، هذا الاسم هو المثبت في الأحوال المدنية، ولم يخطر في بالي يوماً أن أعرف الاسم الذي يلي (أحمد) بل لطالما اعتبرت أن (قادري) هو الاسم الأخير وإن غاب عن السجلات الرسمية..

بعد حوار مع الوالد حفظه الله أفادني بأنه سمع المعلومة من خاله في الحديدة، وبأن منزل البحراوي كان موجوداً في مدينة وميناء (اللِحَيّة)، وأن مدن جيزان والموسم وميدي واللحية والحديدة كانت تتبادل الكثير من البضائع عبر موانئها في القرون الأخيرة وسهل ذلك على سكان تلك المدن التنقل بينها بأريحية في فترة لم يكن للدول الحالية فيها ولا للحدود وجود.. إقرأ المزيد

لا تنم على قارعة الطريق..

ضرب بتشفٍ بقايا عظم سمكة على رصيف مجاور لحاوية النفايات، استمر في ضربها بنصف عصا وهو يضحك بسادية متخيلاً إياها القطة التي منحته ثلاث خطوطٍ دامية على ذراعه حينما لاطفها بالأمس، تناثرت عظام السمكة وكأنه بذلك يريد أن يحرم القطة منها في حال عودتها مرة اخرى، سبق وأن تسلق الحاوية ليرى إن كانت القطة تسكن بالداخل لكنه لم يرَ سوى أطنان الطعام من سحور البارحة، اشتهى أن يقفز بداخلها ويفتح الأكياس ولكن نظرة صارمة من أمه جعلته يتراجع ويقفز من على الحاوية على قدم واحدة فاستعان بالعصا المكسورة لتعينه في عرجته..

تململ في مكانه على الرصيف بجوار أمه يراقب أختيه تذهبان بين السيارات وتعودان بأوراق ثمينة لأمه التي تخبئ جزءاً منها بداخل صدرها والباقي تحفظه في منديل مهترئ ليأخذه لاحقاً الرجل ذو الشارب الضخم الذي يعيدهم للمنزل..

شعر بالنعاس فوجد (كرتونة) بجوار الحاوية، أخذها وفككها بصعوبة، انتهى الحال بها ممزقة كقلب عاشق، جمعها على الرصيف في أبعد نقطة عن الشمس، تمدد عليها وراقب السماء منتظراً منها أن تمطر بغزارة كي يعود ويلعب في الطين..

غفى فنهرته أمه وحذرته من النوم على قارعة الطريق فلديهم

منزل يعودون إليه..

(الصورة لعلي الجمعة)