أستميحك العذر، هل رأيت طفلاً مر من هنا؟!
هو في سن العاشرة لكنه يبدو كأنه في الثامنة، بريء كروحٍ ندية، عيناه تلتمعان، وشعره أشهب محترق من شموس الظهيرة..
لا أحمل صورة له لكنه حافي القدمين بظفر مكسور، يرتدي بنطالاً أزرق بثقبين في الركبة اليسرى، وقميصاً رياضياً أخضر وأصفر يحمل الرقم 10، وهناك كدمة دامية أعلى وجنته اليمنى اكتسبها دفاعاً عن نفسه..
هل لمحت طفلاً كهذا يبحث عني؟!
طفلٌ يلتفت يمنة ويسرة بلا كلل، يراقب العابرين كأغلفة الكتب، يختزن في عقله أي كلمة يراها، يميز النوايا الخبيثة لكنه يمررها بحسن ظنه، يبكي بصمت إن جرحت مشاعره، يتلعثم في حديثه، لكنه إن تحمس ينطلق بلا توقف..
هل رأيت طفلاً بهذه الأوصاف، طفلاً يشبهني؟!
قل له إنني آسف، سأحكي له القصص كل ليلة، سأتركه يكبر كما يريد، لن أستعجل نضجه، لن أطالبه بالتفوق المجرد من المتعة، ولن أوبخه إن رفض تحمل المسؤولية مبكراً وتمسك بعادات الطفولة..
أخبره أن يعود..
قل له أنني اشتقت إليّ، وأنني أتمنى لو لم أكبر..