تتوافد علينا باستمرار صور اليهود وبعض المتعاطفين معهم من المسيحيين وهم يمارسون طقوس التباكي عند ما يسمي لديهم بحائط المبكى في المسجد الأقصى الشريف، وهو ذاته ما نسميه نحن المسلمون بحائط البراق، نسبة إلى أن سيدنا محمد ﷺ ربط البراق عنده في حادثة الإسراء ..
هذه الطقوس يُعتقد خاطئا بأنها تعود حدادا على معبد سيدنا سليمان عليه السلام الذي يسمى بالهيكل وكانوا يضعون فيه تابوت العهد، وقد هُدم الهيكل أكثر من مرة أولها في عهد نبوخذنصر الذي غزا القدس وهجّر اليهود إلى بابل وشمال الجزيرة العربية في حادثة السبي البابلي الشهيرة، وآخرها في عهد هيرودوس الروماني الذي هدم القدس ونهب جنوده كنوزها..
في الحقيقة أن هناك خلطا تاريخيا عند اليهود- باعتراف المؤرخين اليهود في الجامعات الاسرائيلية ومنهم فينكلشتاين الذي يشكك في وجود الهيكل أصلا – بين هيكل سليمان عليه السلام وبين حادثة الخليفة سليمان القانوني الذي استضاف اليهود الذين طردوا من الأندلس في فترة محاكم التفتيش وأعطاهم حرية ممارسة طقوسهم الدينية في القدس وأعلى حوائط المسجد الأقصى ومن ضمنها الحائط الغربي الذي هو ذاته حائط البراق أو المبكى ولكنه اشترط عليه ألا يدخلوا المسجد، لاحقا تحورت المعلومة واختلطت بين سيدنا سليمان عليه السلام وبين الخليفة سليمان القانوني واعتقد اليهود أن الحوائط التي بناها الخليفة هي جزء تاريخي من هيكل سليمان الذي تفيد المراجع التاريخية بأنه هدم تماما..
حاول اليهود في أواخر القرن التاسع عشر شراء الحائط ومن ضمنهم ادموند روتشيلد، لكن الحاخامات اعترضوا خوفا من غضب العثمانيين، وفي فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وضع البريطانيون كتابا أبيضا يقسم فيها الأراضي الفلسيطينية بين اليهود والعرب وكان من ضمن التقسيم عروبة المسجد الأقصى فاعترض اليهود وطالبوا بحقهم في الحائط فقامت ما تسمى بانتفاضة البراق احتجاجا فقرر البريطانيون وقتها تطبيق وعد بلفور بالكامل الذي يعترف بحق اليهود التاريخي في الأراضي الفلسطينية رغم أن فترة حكمهم في السابق لم تتجاوز القرن، وقد عاشوا في سلام بين المسلمين لفترات طويلة في القدس والشام ومصر والمغرب وقبل الإسلام في يثرب..
يحاول الاسرائيليون بتأييد من أتباع الكنيسة الانجليكية إثبات وجود الهيكل في نفس مكان المسجد الأقصى وقد بدأوا منذ عقود الحفر تحت المسجد بحجة البحث عن آثار مدعمة، ولديهم قناعة وإيمان بأن العثور على هيكل سليمان وإعادة بناؤه كما وصف في التوراة سيحقق نبوءة عودة الماسايا (المسيح) وبداية ملحمة هرمجدون (أرماجيدون)، وتلك القناعة التي كانت بدايتها من الحروب الصليبية الشرسة التي شنت على بلاد المسلمين والتي كان أشرس جنودها في ذلك الوقت فرسان الهيكل الذين أخذوا اسمهم من المعبد الشهير..