يحدث أن تفكر في شخص ما فتجده يتصل عليك أو تقابله حالا بالصدفة وتقول اللزمة المستهلكة الشهيرة (ليتني تذكرت مليون ريال)، يحدث أيضا أن تستيقظ الأم فزعة فتتصل على ولدها المبتعث في دولة بعيدة فتفاجأ بأنه في المستشفى، ويحدث أن يسافر التوأمان الحسن والحسين لدولتين متباعدتين فتجدهما لا شعوريا يقومان بنفس الأنشطة أو يتناولان نفس الطعام أو يشتريان نفس الملابس ولا يدري أحدهما عن الآخر..

كل تلك الحوادث تحصل ونحن نتواصل ببعضنا لا شعوريا وكأن المعلومات والصور والمشاهد تنتقل بين عقولنا بحرية وبلا إرادة مسبقة منا..

هذه الظاهر تسمى بالتخاطر وأو التيليباثي، وهي أحد مظاهر الحواس الخارقة مثلها مثل الاستبصار وقراءة الأفكار والحاسة السادسة..
أول من صاغ هذا المصطلح هو فريدريك مايرز عام 1882، وقتها كان التقدم التقني والعلمي كبيرا وصار الناس يبحثون عن تفسيرات علمية للظواهر النفسية والغير فيزيائية كالموت والروح والأفكار ونتج عنها علم جديد يسمى الميتافزيقيا وأيضا الباراسيكولوجي..

التيليباثي ويعني التأثير البعيد وهو مصطلح مأخوذ من أصل كلمة تيلي وتعني بعيد ونراها في كلمات مثل التيليفون والتيليفزيون وتيليكينسيس التي تعني تحريك الأشياء بالعقل، ومن كلمة باثي وتعني تأثير مثل كلمة سايكوباثي وتعني المتأثر عقليا، تحمس العلماء في نهاية القرن التاسع عشر وصولا لنهاية القرن العشرين في الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية والصين لدراسة العديد من الظواهر التي يصعب إثباتها بالعلم الحديث حتى يستخدموها في التجسس والحروب وقد واجهوا صعوبة كبيرة ممن يراها أوهام وترهات لعدم وجود أدلة علمية واضحة على حدوثها ولكن لو نظرنا من الجهة الأخرى فهناك روح الإنسان والعقل الباطن والأشباح الضاجة والتأثير الشيطاني مثلا، كيف سنقيسها بالعلوم الحديثة مالم نغص في آفاق جديدة ونتقبل كل الاحتمالات..

يؤمن الكثير بأن التخاطر/التيليباثي موجود بالفطرة في الإنسان ولكنه انحسر مع توالي الحضارات، فالعالم ينقسم لقسمين حسي/روحي أو واعي/لاواعي فالجسد هنا مقابل الروح ولكل منهما خصائص وقوى، ومن يتحكم منهما بالآخر فستبرز قدراته، فلو كانت خصائصك الجسدية أقوى ستعتمد على الحواس الخمس المعروفة وقد تستفيد تارة أو أخرى من الحواس الخارقة، فالمجال الكهرومغناطيسي من حولنا ومع تأثير الجاذبية يقوي قدرات المخ لأنه مستقبل قوي للإشعاعات ويقوم بتضخيمها حال الحاجة، فهو يصدر عدة إشعاعات مثل أشعة بيتا في حالة اليقظة وأشعة ألفا في حالة التأمل وأشعة ثيتا عند الاسترخاء وأشعة دلتا في النوم العميق وهي التي تتيح الفرصة للروح للخروج في النوم وتستقبله عند العودة، حتى الطاقة السلبية الصادرة عن الحسد نستقبلها ونضخمها، لذلك شرعت لنا الأذكار والورود اليومية التي تشحن النفس بطاقة وهالة ايجابية تعززها وتمنع استقبال الطاقات السلبية خصوصا من الشياطين ، ومع كثرة الاشعاعات حولنا من الأجهزة والمؤثرات واضطراب النوم فقدنا التحكم في استقبال وتضخيم الطاقة من حولنا وبالتالي فقدنا العديد من القدرات لذا لو دربت خواصك الروحية بشكل أفضل وأبرزتها فستكون حواسك الخارقة هي المسيطرة وذلك لا يتأتى إلا بالإيمان الشديد والخشوع والتأمل، والنماذج كثيرة وأبرزها خلوة سيدنا المعلم الأعظم النبي ﷺ في الغار قبل البعثة، وقصة عمر بن الخطاب الشهيرة حينما صعد المنبر وصاح يا سارية الجبل، وبعد ذلك بشهر حكى المشاركون في المعركة أن المشركين حاصروهم فلجأ قائدهم (سارية) إلى جبل قريب بعدما سمع صوت ابن الخطاب في رأسه يأمره باللجوء للجبل..

نجد ظاهرة التيليباثي أيضا مع الأمهات حينما يشعرن بحدوث شيء إيجابي أو سلبي لأطفالهن وكأن عقولهن تحولت لقنوات استقبال لأي طاقة تصدر من أطفالهن، وفي التوائم أيضا تتضح بشكل أكبر وكأن بينهم رابط نفسي/ كهربائي ينقل الأحاسيس والأفكار والآلام للمخ ويجعلهم يؤدون أعمالا متشابهة وكأنهم عقل واحد خصوصا التوائم المتطابقة ويعزون ذلك لتشابه ال DNA في جيناتهم، ينطبق نفس الحال على من جمعتهم عشرة طويلة وعلاقة متينة..

للاستزادة اقرأ إن أحببت المقال الجميل (خلف أسوار العقل) لنبيل فاروق، وكتابي إيجور و ESP لأحمد خالد توفيق، وكتابي أرواح وأشباح والذين هبطوا من السماء لأنيس منصور، وسلسلة أغرب من الخيال لراجي عنايت..

ومن الأفلام سلسلة X-men خصوصا قدرات البرفسور Xavier و فيلم scanners وفيلم red lights وفيلم Lucy وسلسلة أفلام the witch mountain، وفيلم thought crimes، وفيلم dark city وفيلم the sender..

جميعها بشكل أو بآخر تتحدث عن ظاهرة التيليباثي بشكل إبداعي وجميل وعن قدرات عقلية أخرى..

نختم بمقولة تشارلز مور ” هل تؤمن بالتيليباثي ؟! كلا !! فما الذي تفعله حين تصلي إذن “..