قبل عدة أشهر وبالمصادفة أخبرني ولدي خالد بأن اسم عائلتنا ليس (قادري) بل البحراوي، سألته باستغراب وابتسامة ساخرة: من أين لك هذا الخبر ؟! فأجابني بأنه سمع ذلك من والدي..
اسمي وليد ابراهيم قادري ابراهيم قادري أحمد، هذا الاسم هو المثبت في الأحوال المدنية، ولم يخطر في بالي يوماً أن أعرف الاسم الذي يلي (أحمد) بل لطالما اعتبرت أن (قادري) هو الاسم الأخير وإن غاب عن السجلات الرسمية..
بعد حوار مع الوالد حفظه الله أفادني بأنه سمع المعلومة من خاله في الحديدة، وبأن منزل البحراوي كان موجوداً في مدينة وميناء (اللِحَيّة)، وأن مدن جيزان والموسم وميدي واللحية والحديدة كانت تتبادل الكثير من البضائع عبر موانئها في القرون الأخيرة وسهل ذلك على سكان تلك المدن التنقل بينها بأريحية في فترة لم يكن للدول الحالية فيها ولا للحدود وجود..
قدم جدي (قادري أحمد البحراوي) إلى جازان مصطحبا طفله -جدي الأكبر- (ابراهيم) في نهاية القرن الثالث عشر الهجري -أيام حكم الأدارسة- وعمل جدي (ابراهيم) في مينائها ورزق بجدي (قادري) تيمناً بوالده -الذي تزوج لاحقاً بجدتي (جميع) من عائلته (ديداي) في حارة الساحل- وأخته جدتي (صديقة) التي تزوجت مع ابن عائلة (أبوغزالة) في أبي عريش- ومن هنا أستطيع ربط بقية الأحداث التاريخية العائلية فاسم والدي على اسم جده وأغلب الظن أنه اقترع اسم (وليد) مع اسم (قادري) عند ولادتي، أحببت اختياره لاسمي (وليد) والذي سيعني أنني متجدد دوماً وفي كل مرة كالعنقاء أولد من جديد في مجال حياتي مختلف..
الغريب أن معرفتي بإسم (البحراوي) وبيوت عائلته في (اللِحيّة) لم يُثر في سوى الفضول لا غير..
لا حنين، لا ذكرى، لا تعجب، فقط فضول..
لماذا أحمد البحراوي هو من يثير فضولي فقط ؟!
ترى من أين أتى أسلافه؟!
كما سأل إيليا أبو ماضي يوماً (لست أدري من أين أتيت ولا إلى أين أسير) وهذا التساؤل الكوني الذي فصلّه دان براون في رواية (الأصل)..
عرفت منذ صغري جيزان موطناً ولذلك كنت أشفق على أصدقائي اليمنيين الذين ولدوا بيننا حينما يجبرون على الرجوع لليمن وهم لا يعرفون عنها شيئاً، أنا لو رجعت الآن لميناء (اللحيّة) بعد أن غادره أجدادي منذ قرن ونصف فلن يغير ذلك في داخلي شيئاً وسأظل أشعر بالحنين لجيزان فقط..
كنت أسمع من أصدقائي في أميركا حديثهم عن أصولهم، يقول أنا ربع اسكتلندي ونصف ايرلندي، وتلك تقول أنا ثُمن يابانية وربع ايطالية، وكنت أضحك من وصفهم لي بالسعودي الهندي نظراً لملامحي القريبة منهم..
عرفت بأن أصلي من اليمن من جهة والدي، كنت أشعر بذلك لكنني لم أكن متأكداً، بينما جدتي من والدي أصولها (هندية)، وجدي لأمي من الزرانيق في اليمن، وجدتي لأمي (فرسانية)، وزوجتي والدها من أصول تركية (آل الأحمر) وأمها من أصول تركية وفرسانية (آل مسلم)..
هذا يعني أن أولادي هم خليط (سعودي يمني تركي هندي)، وبغض النظر عن المقادير المكانية، فكرت في الجينات العجيبة التي شكلتني وشكلتهم، وفكرت في صفاتي الجيدة، من أين اكتسبتها ؟!
هل هناك من أجدادي من كتب عن الجن أو صادقهم؟! هل هناك من أحب العزلة والنظر للنجوم متسائلاً عن مصدر الحياة؟!
هل هناك منهم من أحب الكتابة والسفر ؟!
هل منهم من يشبهني ؟!
يزورني في المنام ليكتب القصص من خلالي؟!
أنا مؤمن بأننا أجزاء عدة منهم، في كل خلية في جسدي هناك ذكرى لأحدهم وإن تأملت بما فيه الكفاية لخاطب عقلي الباطن تلك الشفرة الوراثية واستنطق تاريخها، أظن أن الأنساب وضعت لتعرف من يشبهك من أسلافك لا من أجل التفاخر بها فكلنا لآدم..
بعضهم يرى أن مثل هذه الشفافية نقص اصولي او قبلي .
لكن ما قرأته هنا تفرعات اتحدت في تكوين خلاصة
ودائما الخلاصة هي الافضل والاجود والاغلى
وكذلك انت خلاصة تلك التفرعات القبلية
صورتك هندية ومشاعرك فرسانية ساحلية رقيقة . وقفزاتك السريعة الى قمم المعالي زرنوقية
.
وفقك الله
عجيب ومدهش ويدعوني للتفكر في الأنساب التي تنحدر منها عائلتي 😍😍😍
مهما كان نسبك تظل وليد الرائع المتجدد كما العنقاء دائما 🌹🌹🌹
دام قلمك أيها المبدع 🌹🌹