في ربيعه العاشر خفق قلبه لها لأول مرة عندما كانا يرعيان الغنم سوية في المروج المتناثرة القريبة من قريتهم والتي كانت تنتعش أيام السيول والخير .. كان يكبرها بثلاث سنوات ويعتبر نفسه مسؤولا عنها أمام أهلها الذين يرتبطون بأهله برباط الصداقة والجوار والمحبة منذ القديم ..
شغف قلبه بها حباً ويظن من نظراتها أنها تبادله الشعور ذاته ، لاحظ ذلك كل من في قريتهم وأضحى جليا لهم أن (محمدا) ل(هالة) و(هالة) ل(محمد) ..
لم يمض الكثير حتى وصل لسن السابعة عشر ، صارح والده برغبته في الارتباط بها فرحب بذلك والجميع معه وساد السرور ، اتفقوا على بدء اجراءات الزواج التقليدي وبناء غرفة لهم في فناء البيت الكبير ووجد (محمد) حينها فرصة وظيفية في مدينة (جيزان) القريبة تليق بمؤهله كخريج من المرحلة الابتدائية وفي نفس الوقت يواصل الرعي مساء حفاظا على تراث وثروة عائلته البسيطة ..
كتب قرانه عليها مع الشيخ وغداً هو يوم الزواج ، الكل متحمس وسعيد والأفراح عمت القرية ، لم ينم ليلتها من الفرحة وهو يتخيل اللقاء ..
هالة .. أجمل بنات القرية بلا منازع
يخجل القمر من بهاءها وحسنها ، ابتسامة ثغرها تنشر النور في الأجواء وعيناها ما عيناها تضاهي في لونها العسلي واكتحالها الطبيعي أجمل الغزلان والحسان ، يا ليته كان شاعرا ليكتب فيها أعذب الشعر ..
غلبته هنة بعدما صلى الفجر واغتسل فما لبث استيقظ على دوي هائل تبعته صرخات كثيرة ..
خرج مفجوعا من الغرفة ليرى الكل يجري ويحمل ما يستطيع من زاد وملابس وأبناء ..
والدخان الكثيف يتصاعد من المدينة ويتسامع الناس يقولون أن نيرانا هبطت عليهم من السماء فجأة ودمرت المنازل ..
وبلا استيعاب انطلق يساعد والده وأخوته الصغار ثم تذكر عروسه فانطلق بأسرع ما عنده ووالده يناديه ( بسرعة سنذهب لعمك في بيش ) ،
وجدها تساعد أمها وهي تبكي من الخوف ووالدها يقول لهم عجلوا سنذهب جنوبا جهة اليمن عند أخوالك ..
لم يتخيل تلك الفكرة ، أيفترقان في نفس يوم ارتباطهما الأبدي ، أمسكها من يدها وأسرعا بعيدا وسط الفوضى غربا في اتجاه البحر عند الكثبان الرملية المشهورة هناك عند البحارة من قريتهم بمواطن (الجن) أو (أهل الأرض) ..
وصلا هناك منهكين قبيل العصر ولم يتبادلا كلمة واحدة ، نظرات مليئة بالحيرة والخوف والحسرة على فراق أهاليهم ..
فرش لها عصابة رأسه لتستلقي عليها فوق (الزبير) الرملي الهائل وهو ينظر للبحر والقوارب العديدة التي لا تكاد ترى هاربة من مدينتها وخلفه لا تزال أعمدة الدخان تتصاعد من بعيد ..
غفلت عيناه قليلا وهو يراقبها في حنان فأيقظه صراخ (هالة) وبكائها وفوجيء بخيال مجهول عملاق يمسكها من ذراعها ويجرها معه .. لم يتبين شيئا مع ضوء القمر الضعيف فاستقام يجري وراءهم ولكن لا شيء هناك ..
قضى ليلته كالمجنون يجري هنا وهناك ويصرخ باكيا (هالة) .. (هالة) .. إلى أن سقط مغشيا عليه من التعب ..
انتبه مع حرارة الشمس القارصة وحالته يرثى لها معفر بالتراب والحسرة ، جال بنظره يمنة ويسرة ولكن لا شيء سوى تلك الصحراء الصغيرة الممتدة من كثبان و(زباير) ..
أجبره السكون حوله على العودة لطلب المساعدة ناسيا أن أهالي قريته وأهله ومن حولهم (هربوا) من آثار القصف الذي لا يدرون سببه ..
وصل للقرية وجاب فيها وحيدا ، وجد قليلا من الماء والطعام فتبلغ فيها وعاد جهة الكثبان ليستمر في البحث عن (هالة) ..
عندما عاد الأهالي بعد فترة لم يعرفوه من نحوله الشديد وسمات الجنون عليها .. يسألونه عن حاله فيؤشر لهم جهة الغرب عند الكثبان الشهيرة ويردد (هالة) (هالة ) ثم يتركهم ويمضي في رحلته الشبه يومية لذلك المكان ..
***
جلس الأصدقاء (عمار) و(شادي) و(نادر) و(باسم) يتسامرون وأمامهم براد الشاي في تلك الليلة القمرية الجميلة في المنطقة الرملية عند بحر جيزان المعروفة ب(هالة) والتي لم يتبق منها الكثير مع الزحف العمراني من جامعة ومنازل وضاحية جديدة ..
سأل (عمار) في فضول :
– تتوقعون ليش سموا المكان ذا (هالة) ، سمعت زمان يقولون مليان جن ويخطفون الناس ويخلونهم يسكنون معاهم ..
رد (شادي) :
– هههه وأنت تطاوع القصص ذي .. أتوقع سموه كذا لأن ضوء القمر في ليلة البدر ساطع مرة ويصنع هالة من حوله تضيء المكان ..
ابتسم (باسم) وتداخل في الحوار :
– أذكر زمان جدي حكى لي عن يوم (الهربة) قبل خمسين سنة تقريبا وكيف تشتتوا الناس وقال لي أن المكان ذا سموه بإسم واحدة انخطفت هنا وتجنن حبيبها ..
اشتد انتباه الكل للقصة واستمر (باسم ):
– يحكون في قريتي عن اثنين حبوا بعضهم
( محمد ) و(هالة ) ….
تمت بحمد الله
اكتشاف جديد استاذ وليييد
استمررررررررر و بلاااا تووووقف
هههه خيال مو اكتشاف
اها
عسى هي دي هالة!
اخيرا عرفتنا عليها 😁
مرة حلوة القصة
شوقتني ازورها و اجلس ف رملتها
بس مع ضوء القمر
واو
حلم ياليت يتحقق..
استمر ي مبدع
إبداع في سرد القصة
اجتمع ذكاؤك مع جمال يراعك .
استمر
يسعد لي قلبك يا رب 💐
السرد رهيب مع إني حزنت على محمد مسكين ما اكتملت فرحته 😢
حادثة الهربة شردت العديد من الأسر