هيواااه هيواااه .. (من الأساطير الجيزانية)

(هندول) هو عبارة عن قماش قديم مهترئ في (قعادة) خشبية يعود زمنها لما قبل اختراع العجلة..

هنا أنام فيما يشبه المهد الذي تهزه الأم بحنان لينام طفلها..

لكن في هذه الحالة أنا ذلك الطفل، أنام بعد خبطة (وضينة) هائلة على ظهري من سيدة أظنها أمي، بينما تهز هي الهندول بقدمها في عنف لا تعنيه بقصد التعجيل في نومي لتتفرغ لذلك الذي يدعى والدي كي تلحق الليلة معه بقسمات عابسة..

يزعجني ضوء الفانوس القابع في المنتصف، منتصف ماذا ؟! بيتنا طبعاً الذي هو عبارة عن غرفة هي بيت أو بيت من غرفة واحدة أو (عشة) كما نسميها..

أطفال أظنهم أخوتي ينامون في الأرض على حصير به بقايا الغداء فنحن لا نتعشى في أغلب الأحيان كما هو حال معظم من في القرية..

نعود للفانوس القابع في المنتصف، منتصف الشيء الذي نحن نحكي القصة فيه الآن فلا تزعجني فأنا لا زلت طفلاً في الثانية ولا أجيد الوصف كما ترى..

حينما أعجز عن مقاومة النوم والتحديق بكراهية في ذلك الفانوس أنقلب على جنبي لأواجه الظلام والقابعين فيه..

هناك جانب ممزق في الهندول يتيح لي أن أراقبهم وهم يتهامسون ، وكأنهم أمراء حرب على طاولة المعركة يتجاسرون على من منهم سيهاجم أولاً..

وتمر ليلتي بأجفانٍ مثقلة بين تلك الأعين المضيئة التي تتنقل من بقعة لبقعة تحت القعادة والأصوات الخافتة التي لو سمعها الأطفال النائمون على الحصير لما غمض لهم جفن وبين الفانوس المقيت في الجهة المقابلة والسيدة التي تهز الهندول وتغرس كعبها في بطني مع كل هزة وتغني (هيواااه هيواااه.. يا الله ارقد مرقد) ومعدتي التي تصرخ جوعاً فتصرخ دموعي معها..

متى سأكبر وأنام على الحصير يا تُرى ؟!

بعيداً عن وكزات كعبها وهمسات الأعين التي لا تستقر خلف (الهندول)..

(اللوحة للمبدع القدير جبران زكري)

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s