الكاريزما Charisma هي كلمة يونانية قديمة وتعني “الهبة أو الهدية الإلهية”، وغالبا ما يتم الإشارة لها عندما نصف شخصا ما بأن لديه جاذبية طاغية فنطلق عليه بأنه (شخص كاريزمي) أو (شخص ذو كاريزما) Charismatic person، استخدم المسيحيون الأوائل هذا المصطلح لوصف الضلع الثالث في الثالوث الاقدس (الروح القدس) بأنه أقرب صفة للكاريزما..

من خلال قرائتي في بعض المراجع وصفحات الويب لجمع الصفات الأساسية التي تشكل الكاريزما، وجدت العديد من الصفات الجميلة مثل (الإلهام) و(الثقة بالنفس) و(المظهر الجيد) و(اللباقة) و(التفرد) و(قوة الشخصية) وغيرها، فما الذي يجعلنا نطلق على شخصية بعينها بأنها (كاريزمية) ؟!
من وجهة نظري أن الجاذبية الشخصية تلعب دورا كبيرا في ذلك، فمن الصعب بمكان افتعالها، فالشخص الجذاب صاحب الأسلوب البارع والابتسامة الخلابة والطلاقة في الحديث والموسوعي في معلوماته وثقافته سيكسب الكل من حوله بسهولة، لكن هل هذه الصفات كافية لأن يكون الشخص كاريزمي ؟!

هل هي تكتسب بالتمرين وبالمحاكاة وتطوير الذات ؟! أم هي صفة مزروعة مسبقا في الجينات ؟!

قيل سابقا أن القادة يصنعون ولا يولدون، فهل الأشخاص أصحاب الكاريزما العالية كذلك ؟!

مما لا شك فيه أن الأنبياء والمصلحين والقادة العظام مدنيا وعسكريا وبعض العلماء في مختلف المجالات الذين أثروا في مسار البشرية يمتلكون هذه الهالة الجاذبة كالمغناطيس لمن حولهم بحيث تكون كل كلمة وهمسة وفعل يصدر منهم قانونا (محكيا) يسري بين الناس..

نعيد ذات التساؤل، هل هم كاريزميون بالعمل والجهد أم بالفطرة ؟!

بما سبق من صفات كثيرة نقرأها عن الشخصية الكاريزمية، أجد أن أجمل وصف لها هو عندما نصف شخصية المعلم الأول سيدنا محمد ﷺ..

في الجهة المقابلة هناك نماذج تمتلك جاذبية طاغية لكن في الاتجاه الآخر، القادة السياسيون والدينيون الذين يقودون أتباعهم إلى الهلاك، وكذا بعض (الذكور) ولا أتشرف بتسميتهم رجالا ممن يستهوون إغواء الجنس الآخر وتجميعهن حوله بشخصيته التي لا تقاوم ممن يسمون بالانجليزية womanizers ، هل نسمي مثل هذه الشخصيات (كاريزمية) ؟!

في رأيي أن الكاريزما هي كما ترجمت عن أصلها اليوناني (هبة وهدية طيبة من الرب سبحانه) ومن الصعب أن يكتسبها الإنسان أو يتعلمها حتى لو حاكى وتمرن وتدرب كما يقول الكثير من خبراء التنمية البشرية، وهذا لا يعني أن المحاكاة لن تفيدك بل ستجعل منك إنسانا فأفضل كما يقول الشاعر (فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم، إن التشبه بالكرام فلاح)..